(ثرثرة فوق الليل)

يقدم القاص صلاح القرشي من خلال مجموعته القصصية (ثرثرة فوق الليل) الجديدة العديد من الصور الحياتية التي تحمل دلالاتها الإنسانية المعبرة.
فأول نصوص هذه المجموعة (ثرثرة) تأتي على هيئة صرخة أنثوية مدوية رغم اصطباغها برؤية ساخرة.. (فاتتها الدنيا والسلام).. فالقرشي يعرض هذه القضية القديمة الجديدة ألا وهي عنوسة المرأة بأسلوب جديد يسلط من خلاله الضوء على قضية الفتاة المتعلمة.. تلك التي تكبلها قيود المجتمع الذي ينظر إليها بطرق متباينة تبدي الأسى وتزرع اليأس وتوفر الجو المناسب للآلام المبرحة.
في القصص الأخرى من المجموعة ينتهج القاص القرشي نفس هذا الأسلوب السوداوي إلا أن هذا الأسلوب يقبل عليه القارئ كما ورد في قصة (الملك لله) حيث يصور الكاتب مفارقة الحياة بين البحث عن اللقمة، وشقاء صاحبها، فلم يشأ (القرشي) إلا أن يزرع الإنسان الكادح بين مفاصلها لتتنامى قدرته على خوض تفاصيل العناء بطريقة درامية تحتاج إلى تدوين وتسجيل على نحو ما برع فيه الكاتب.
قصة (الملك لله) نظرة خاطفة للحياة تصف رحلة البحث عن القوت لكن يد (الأنظمة واللوائح) توقع البطل في أتون مفارقة (متخلف) وهي إشارة إلى تخلف عن الرحيل عن البلاد، في وقت يمازحه صديقه بأنه (متخلف) بمفهوم العقل لا الإقامة.
يعتمد القاص القرشي على أسلوب التكثيف، والاختصار غير المخل حيث تخرج القصة لديه من رحم الحكاية مكتملة العناصر واضحة المغزى بشكل مدهش على ما وصفه في قصة (النافذة).
في قصة (هواء) تتحقق رؤية التكثيف حيث يضعنا القاص أمام رؤية وامضة تصور رحلة الحياة ممثلة بهذه الأوراق التي طواها على هيئة قاربين يتهاديان على صفحة الماء دون هدى، ليترك للأمواج حرية نقلهما إلى أي مكان.
يفتش القاص القرشي عن مفردات بسيطة، وقضايا قد تكون هامشية إلا أنه يضخ في تضاعيفها قوة هائلة من المشاعر والتكوينات الجديرة بالتأمل والاستقصاء.. على نحو ما ورد في قصة (صوت الليل). تلك التي كادت أن تكون مجرد حكاية لولا أن (القرشي) أضاف إليها بعداً تجذيرياً من عناصر التشويق حينما وضع الجن في مقابلة الإنس ممثلاً بحارس الدواب الذي يداوم رحلة البقاء وحيداً بين القطيع إلا من بعض أصوات لا يستطيع تمييزها.. أهي صفير أم طنين..؟ بل يكشف لنا وبرؤية هادئة أن الغناء مخرج مناسب لطرد الأرواح الشريرة والأصوات الغريبة على نحو ما فعله بطل هذه القصة.
عنوان المجموعة (ثرثرة فوق الليل)، يرتسم جلياً في تفاصيل وفضاءات هذا العمل حيث يلتقط القارئ ودون عناء تفاصيل العلاقة بين القصص، والحكايات التي انتقاها الكاتب بعناية ومهارة فائقة لنراه وقد أحال عناصر السرد جميعها إلى مجرد ومضات متسارعة تفضي إلى فهم سريع وواضح للمواقف، دون حاجة إلى حوارات، أو إسهاب في عرض الرؤى فكانت ملامح السرد في هذه المجموعة غاية في الدقة والوضوح.
تناول القرشي قضايا إنسانية قد لا تكون قوية أو مؤثرة، إلا أنها تسلط الضوء على خفايا العلاقة بين الإنسان البسيط والكادح وبين مفصلات الحياة من حوله، فقد تكون حياة أحد شخوص العمل على هيئة ورقة تصنع قارباً، أو صوتاً عابراً في الخلاء، أو مجرد حلم أو موقف لا يحتاج إلى مزيد من التأمل وتقليب الاحتمالات.. فالمجموعة في النهاية ومضات فائقة السرعة تحقق الهدف وتصنع معادلة (المتعة والفائدة) في العمل السردي.
إشارة:
* ثرثرة فوق الليل (قصص)
* صلاح القرشي

تسلم ايدك يا ماما على هالقصه الراااااااائعه

مشكورة ماما على مرورك الطيب متلك

Admin عدد الرسائل : 3279 تاريخ التسجيل : 18/03/2008

مشكوٍوٍوٍوٍرٍ أخيَ عليَ مروركّّ الغاليّ